إلي جانب النقابة العامة للمحامين توجد نقابة فرعية بكل محافظة وبكل محكمة ابتدائية، لكل نقابة فرعية نقيب مستقل ومجلس نقابة مستقل عن مجلس النقابة العامة، وإن كان في الحقيقة جميع النقابات الفرعية تابعة إداريا وتخضع لرقابة النقابة العامة ومجلسها.
المفاجأة أن مدة الدورة النقابية في النقابات الفرعية بالمحافظات انتهت من شهر أبريل الماضي، أي قبل إجراء انتخابات النقيب ومجلس النقابة العامة التي تسبب تأجيلها والمماطلة في إجرائها إلي حلول ميعاد انتخابات النقابات الفرعية، وأصبح النقباء الفرعيون ومجالسهم المنتهية الصلاحية يمارسون عملهم النقابي جوازا لتوافر ظرف الضرورة، ولتسيير شئون نقاباتهم وحماية لمصالح المحامين أعضاء الجمعية العمومية للنقابات الفرعية في المحافظات.
منذ أيام أصدر مجلس النقابة العامة برئاسة حمدي خليفة نقيب المحامين قرارا بإجراء انتخابات النقابات الفرعية علي مستوي النقيب ومجلس النقابة، وقد حدد قرار مجلس النقابة العامة ميعاد فتح باب الترشيح علي أن يكون في شهر أكتوبر المقبل لتجري الانتخابات في غضون شهر ديسمبر المقبل وفقا لنصوص قانون المحاماة وللقواعد واللوائح الداخلية بنقابة المحامين فيما يتعلق منها بالعملية الانتخابية،علي أن تكون الانتخابات تحت إشراف قضائي جزئي يعاونه إشراف ذاتي من المحامين أنفسهم لقطع التشكيك الذي يلحق بالانتخابات فيما بعد.
انتخابات النقابات الفرعية هذه المرة مختلفة عن المرات السابقة، لأن هذه المرة هي الأولي التي تجري فيها انتخابات النقابات الفرعية وفقا لقانون المحاماة الجديد 197 بما جاء به من تعديلات علي العملية الانتخابية وكيفية إجرائها ومستوي التمثيل وعدده،حيث كانت تجري الانتخابات سابقا وفقا لقواعد قانون المحاماة الذي تم تعديله.
كل هذا ينذر بمنافسة أشرس من المنافسة السابقة (انتخابات النقيب ومجلس النقابة العامة)، فوجود الحزب الوطني في نقابة المحامين وبتأثير فعال علي المحامين يشير منذ الوهلة الأولي إلي الدور المنتظر لعبه علي غرار انتخابات مجلسي الشعب والشوري خاصة إذا كانت دوائر انتخابات المحامين في المحافظات تعتبر نموذجا مصغرا للدوائر البرلمانية، فتنفيذ أحد مخططات أجندة الوطني في نقابة المحامين والتي جاء بعمر هريدي خصيصا لتمريرها ليس فقط علي نطاق النقابة العامة ولكن النقابات الفرعية أيضا.
في المقابل هناك محامو الإخوان المسلمين وسياستهم الهادفة للسيطرة علي النقابة، خاصة أنهم تم تقليص وتهميش دورهم في مجلس النقابة العامة، مما يدفعهم إلي تعويض ذلك علي مستوي الفرعيات لكسب أكبر قاعدة نقابية بين المحامين وهذا ينقلهم إلي جولة ثانية ومواجهة مباشرة مع الحزب الوطني تأكيدا لمبدأ البقاء للأقوي.
يبقي دور جبهتي حمدي خليفة وسامح عاشور، فحمدي خليفة بحكم أنه النقيب الحالي يمتلك أدوات تمكنه من تحريك دفة الانتخابات، في ظل سعيه الطبيعي لبناء سياج نقابي قاعدي من النقابات الفرعية يدعم ويقوي جبهته مقابل الجبهات الأخري بالنظر إلي المدي البعيد، وإلي جانب نفوذ خليفة هناك أنصار بجميع المحافظات لسامح عاشور صنعهم علي مدار ثماني سنوات قضاها علي رأس النقابة.
وسط الأدوار المتنوعة والأهداف المتناقضة لمكونات نقابة المحامين، تشرف النقابات الفرعية علي انتخابات يصفها البعض بأنها أصعب من مثيلاتها.
النظام القديم كان يتيح للمحامي اختيار من يمثله بشفافية ولكن يجعل هناك صعوبة علي بعض المرشحين خاصة الذين يعتمدون منهم علي مساندة ناخبيهم خارج دوائرهم الانتخابية كما كان يحدث في الانتخابات وفقا للنظام السابق، فضلا عن وجود بعض العقبات أمام إتمام الانتخابات ذاتها، فالقانون 197 لسنة 2008 يشترط في المجلس أن يتكون من سبعة أعضاء ممثلين لدوائرهم الجزئية،في حين هناك بعض النقابات الفرعية لا يصل عدد دوائرها الجزئية إلي الحد المحدد قانونا (سبع محاكم ابتدائية)، مما يستلزم التدخل لمعالجة هذا القصور وتعويض عدد أعضاء المجلس الفرعي من المرشحين الآخرين الذين لم تتجاوز أصواتهم النصاب المحدد للفوز.
وسط كل هذه التعقيدات التي تنتظر انتخابات الفرعيات القادمة، يمكن تركيز الأضواء علي بعض النقابات الفرعية ذات الحساسية بالنسبة للمحامين، منها النقابات الفرعية الجديدة التي استحدثها القانون الجديد الذي تلاه قرار إنشاء محافظتي 6 أكتوبر وحلوان وما يترتب علي ذلك من أعباء تتعلق بتنظيم عملية الانتخابات في تلك المحافظات والدوائر الجديدة، فضلا عن انقسام نقابة القاهرة الفرعية إلي نقابتي شمال وجنوب القاهرة، وإن كان ذلك يجعلها أحسن حظا مما كانت عليه، فبعد وضعها تحت الحراسة سنوات طويلة لعدم اكتمال نصابها القانوني في الانتخابات السابقة وما يحيط بذلك من أقاويل واتهامات، يبدو أن الأقدار شاءت لخروجها من كابوس الحراسة.