عدم دستورية لوائح تأديب العاملين ببنوك القطاع العام

نصت المادة (91) من قانون البنك المركزي رقم 88لسنة 2001 على أن تصدر مجالس إدارة بنوك القطاع العام لوائح العمل الداخلية التي تنظم شئون العاملين بتلك البنوك . وبناء على ذلك فقد صدرت مؤخراً لوائح العاملين ببنوك القطاع العام التي أستحدثت نظاماً لتأديب العاملين بها مغايراً للقوانين التأديبية التي كانت سارية عليهم قبل صدورها ، إذ أنشأت اللوائح مجالس تأديب إدارية وأسندت لتلك المجالس الإختصاص بتأديب العاملين ، وألغت بذلك أختصاص النيابة الإدارية والمحاكم التأديبية بمجلس الدولة بتأديب هؤلاء العاملين . والواقع أن ما تضمنته اللوائح قد خالف أحكام الدستور إذ إن المادة ( 167 ) من الدستور قد نصت على أن يحدد القانون اختصاصات الهيئات القضائية ، وبالتالي فلا يجوز تحديد أختصاصات الهيئات القضائية ، سواء منحاً أو نزاعاً بلائحة أدنى مرتبة من القانون . ومن المستقر عليه أن منح الأختصاص القضائي وإلغائه يجب أن يكون بنص قانوني صريح وقاطع وواضح الدلالة على إلغاء الأختصاص ، وهو ما خلت منه نصوص القانون 88 لسنة 2003 ، بما لم يكن يجوز معه لتلك اللوائح أن تلغى أختصاص النيابة الإدارية والمحاكم التأديبية بتأديب هؤلاء العاملين ، إذ يعد ذلك أفتئاتاً من تلك اللوائح على أختصاص الهيئات القضائية المستمد من قوانينها بما يوصمها بعدم المشروعية . وقد أكدت ذلك حديثاً المحكمة الإدارية العليا ، إذ قضت بأنه بعد صدور القانون 88 لسنة 2003 فإن بنوك القطاع العام ظلت محتفظة بذات الطبيعة القانونية وظلت الملكية العامة لأموالها ، ومن ثم لا يجوز للوائح تلك البنوك أن تخالف أحكام القوانين الرامية لحماية المال العام وهى القوانين 117 لسنة 1958 بشأن النيابة الإدارية ، و 54 لسنة 1964 بشأن الرقابة الإدارية ، و 47 لسنة 1972بشأن المحاكم التأديبية بمجلس الدولة و144 لسنة 1988 بشأن الجهاز المركزي للمحاسبات ، والتي يستمر سريانها على العاملين ببنوك القطاع العام ، إذ إنها قوانين ذات طبيعة خاصة أغراضها حماية المال العام وحماية البنيان الاقتصادي والاجتماعي للمجتمع ( إدارية عليا – طعن 26877 لسنة 52 ق – جلسة 7/5/2008 ) ., وبذلك الحكم للمحكمة العليا ، تضحي مجالس التأديب المشار إليها غير مشروعة ، إذ أنشئت دون سند من القانون ، وتبطل إجراءات المحاكمة التأديبية التي تتم أمامها ، ويبطل كل ما يصدر عنها أحكام ، مما يقتضي سرعة إلغاء تلك اللوائح لعدم دستوريتها .