محاكمة القاتل في القاعة التي شهدت الجريمة.. "دير شبيجل": جريمة قتل مروة الشربيني جاءت انطلاقًا من معاداة الأجانب.. والقاتل لا يواجه مشكلات نفسية
قالت مجلة "دير شبيجل" الألمانية في تقرير نشرته الثلاثاء إن المحققين في قضية مقتل "شهيدة الحجاب" الصيدلانية
المصرية مروة الشربيني (32 عاما) تأكدوا أن مقتلها على يد متطرف ألماني في يوليو الماضي جاء انطلاقا من خلفية "معاداة الأجانب".
وأشارت إلى اعتقاد المحققين أن القاتل "اليكس" كان يده إصرار مسبق على قتلها، مستشهدين بإجراء المتهم (28 عاما) قبيل جلسة المحاكمة اتصالا هاتفيا مع والدته، موجها خلاله القول إلى أمه بعبارة: "أحبك" ثم أنهى المكالمة مباشرة، وهي الكلمة التي أرقت فكر والدته.
وكانت النيابة العامة صرحت في وقت سابق أن الجريمة "جاءت فقط بدافع الكراهية لغير الأوروبيين والمسلمين"، الأمر الذي قد يجيب عليه الدفاع بأن الحادثة كانت وليدة الانفعال، فضلا عما قيل عن محاولة الجاني الانتحار أثناء اعتقاله.
وأشارت المجلة إلى أن أحد الخبراء القضائيين توصل في استنتاج أولي إلى إدانة الجاني إدانة كاملة, وأنه لا توجد إشارات حول مواجهته لمشكلات نفسية، بالرغم من وجود تقرير نفسي عن حالته الصحية قيد الصدور حاليا.
ولفتت إلى أنه لم يسبق توقيع عقوبات قانونية على المتهم, إلا أنه سبق وأن قام في عام 2006 بتوجيه تهديد بالسكين لأحد زملائه المدرسيين, ونقلت عن مقربين منه القول إن القاتل اعتاد دوما حمل سكين، وأشارت المجلة إلى ما حدث مؤخرا داخل غرفة الحجز, حيث قام القاتل بتهديد اثنين من رفقائه بطعنهما بالسكين.
وتحدثت المجلة عن ضغوط خارجية على ألمانيا في القضية، حيث طالب والد مروة تنفيذ حكم الإعدام في حق القاتل وتوقيع أقصى العقوبة على الشرطي الذي أطلق النار بطريق الخطأ على الدكتور علوي عكاز زوج الفقيدة مما أصابه بجروح خطيرة، فضلا عن عدد المتضامنين الذين لا حصر لهم مع مروة على "الفيس بوك".
وتعتقد المجلة أنه من الممكن أن يكون الشرطي الذي أطلق النار على زوج الدكتورة مروة المبعوث المصري الدكتور علوي على عكاز لأنه أجنبي المظهر.
ومن المقرر أن تعقد جلسات المحاكمة في ذات القاعة التي شهدت مقتل مروة داخل محكمة مدينة دريسدن بولاية سكوسنيا الألمانية، في الوقت الذي علقت فيه النيابة العامة قضية السب والقذف الأولى بسبب الخلاف على الأرجوحة.
وتحدثت المجلة عن السيرة الذاتية للقاتل "ليكس" في كل من روسيا وألمانيا, ففي ألمانيا التحق بإحدى دورات الاندماج, ثم اتبعها بتدريب داخل إحدى أسواق بيع مواد البناء, والذي بدا خلاله كسولا معاندا.
ونفت المجلة على لسان المحققين ما قيل عن التحاق القاتل بالجيش الروسي العامل في الشيشان, انطلاقا من وجود دلائل على إعفائه من أداء الخدمة العسكرية بالجيش الروسي لدواع صحية.
وسردت شواهد تؤكد صحة النتائج التي توصلت إليها التحقيقات الأولية الألمانية الحالية، ففي المشاجرة الأولى بين "مروة" والمجرم "اليكس" في أحد ملاعب الأطفال، أوضحت المجلة أن أقوال الجاني توضح أنه لم يرد أن تقع عين ابنة شقيقته "الطفلة" على إحدى الإسلاميات.
وأضافت نقلا عن القاتل خلال المشاجرة التي حدثت بين الجاني والضحية، حيث نعت مروة بأنها "إرهابية"، وقال: ليس من شك في أن يصبح ابنها "مصطفى" إرهابيا في يوم من الأيام، وهو الأمر الذي حمل الشهود وقتها على تحرير محضر يتهمه بالسب والقذف.
وفي شهر أكتوبر 2008، صدر قرار بتغريم اليكس عقوبة مالية تبلغ 330 يورو، وهو الأمر الذي لاقى معارضة من قبل الجاني، معربا عن عدم تفهمه لسبب هذا القرار، مطالبا بإحالة القضية إلى إحدى المحاكم المحلفة، موجها الإهانة إلى الحجاب، معتبرا الإسلاميين بمثابة أعداء له، مشيرا في خطاباته إلى "مروة الشربيني" بكلمة "هذه السيدة" جاعلا إياها بين علامتي ترقيم.
وأشار التقرير إلى أنه وفي أعقاب ذلك شهدت محكمة دريسدن الابتدائية الجلسة الرئيسية للقضية, والتي أسفرت عن صدور حكم في نوفمبر من العام ذاته بمضاعفة العقوبة المالية السابقة الموقعة على الجاني، مما دفعه إلى اتخاذ قرار باستئناف الحكم، وهو ما قامت به النيابة العامة بالمدينة بالمثل.
كما طالب الجاني بتعيين هيئة للدفاع عنه، إلا أن الموقف شهد تصاعدا في المواجهة، حينما أرادت النيابة العامة توقيع عقوبة السجن عليه مع وقف النفاذ، وذلك عندما بدت علامات التمادي وعدم الانصياع واضحة على الجاني، وأصبح يواجه تهديدا بالسجن على خلفية المشاجرة التي وقعت سلفا داخل أحد ملاعب الأطفال، الأمر الذي حرك النية لدى وكيل الجاني لسحب طلب الاستئناف قبيل جلسة الاستئناف المزمعة، انطلاقا من صعوبة فرص الخروج من تلك الضائقة أمام المتهم.
وقال تقرير "دير شبيجل" إنه أعقب ذلك انعقاد جلسة الاستئناف في مطلع يوليو الماضي في محكمة مدينة دريسدن, حيث شهدت ساحتها حادثة مقتل مروة الشربيني على يد الألماني المنحدر من أصل روسي.
ونوهت المجلة إلى أن المحكمة أعادت الكلمات اليمينية اللافتة التي أطلقها الجاني خلال الجلسة، وذلك من خلال الأسئلة التي طرحها خلال الجلسة كما يلي: "لماذا لم تقم الحكومة الألمانية بإبعاد الأجانب عن أراضيها في أعقاب وقوع هجمات 11 سبتمبر 2001 ؟.
وأكد عدم رغبته في اختلاط الألمان مع الجنسيات الأجنبية، منوها إلى انتخابه للحزب النازي الألماني في حال خول له الحق في الانتخاب, وعندما طالب القاضي المتهم بالإدلاء بأقواله, حاول وكيله تسوية هذا الأمر, إلا إن اليكس التفت إلى القاضي معربا عن حزنه من جراء عدم خضوع ولاية سكسونيا لحكم نازي من قبل الحزب النازي الألماني.
وانتقلت الشهادة بعد ذلك إلى مروة الشربيني, والتي تحدثت في رزانة وبموضوعية، مبدية خلافا على الاتهامات التي وردت في محضر الشرطة أن الجاني نعتها بالقبيحة، فيما أقرت بأنه نعتها بالإرهابية والإسلامية.
وفي أعقاب ذلك أدار المتهم رحى الأسئلة, موجها السؤال إلى مروة عن سبب تواجدها في ألمانيا, وهو السؤال الذي قوبل بالرفض, ثم اتبعه بسؤال آخر عن سبب عدم امتلاكها لأرجوحة بالمنزل, مما حمل الدفاع على المطالبة بفترة توقف قصيرة.
وذكرت "دير شبيجل" أنه في ختام المحاكمة نهضت مروة ممسكة بطفلها مصطفى وبصحبة زوجها "عكاز", متوجهة ناحية باب القاعة، فقفز المتهم خلفها، موجها إليها طعنات نافذة بسكينه الذي كان يخبئه حتى لفظت أنفاسها الأخيرة متأثرة بست عشرة طعنة نافذة في كل من الظهر والصدر والذراع.