لندن : رغم نفي الرئيس المصري حسني مبارك ترشيح نجله جمال لرئاسة الجمهورية ، إلا أن صحيفة "الفايننشال تايمز" البريطانية نشرت في 18 أغسطس/اّب تقريرا عن زيارة مبارك إلى العاصمة الأمريكية واشنطن تحت عنوان "ارتباك إزاء القاهرة" جاء فيه أنه عندما يلتقى الرئيسان مبارك وأوباما في واشنطن لبحث عملية السلام والقضايا الإقليمية والدولية فإن كلاهما يعلم أن هناك مسألة أخرى في الخلفية وهي الرئيس القادم لمصر والذي تشير كل الدلائل إلى أنه جمال الإبن الأصغر لمبارك.
وأوضحت الصحيفة أن جمال في حال وصوله إلى الرئاسة ، سيواجه ملفات شائكة أبرزها الفساد والبطالة والفقر ، حيث أن 40 بالمائة من المصريين يعيشون عند أو تحت خط الفقر ، كما يجب خلق 650 ألف فرصة عمل سنويا في مصر لاستيعاب العمالة الجديدة وليس لتقليص حجم البطالة القائمة.
وأشارت إلى أن مبارك طالما دأب على رفض تعيين نائب له ، كما يرفض التكهنات القائلة إنه يعد نجله جمال لخلافته ، ورغم
نفي مبارك ، فإن جمال يستعد لخلافة والده رئيسا للبلاد ، وأبرزت مميزاته ، قائلة :" جمال رجل بنوك سابق وهو عضو بارز في الحزب الوطني الحاكم حاليا واحدى القوى المحركة وراء الاصلاحات الاقتصادية خلال السنوات الخمس الأخيرة".
واستعرضت عددا من الدلائل التي ترجح بقوة أن جمال هو رئيس مصر القادم من أبرزها أن قضية الخلافة طرحت نفسها مجددا خلال الشهور الأخيرة عندما تردد أن هناك خططا لحل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة ، فيما صعدت السلطات حملتها ضد جماعة الإخوان المسلمين المحظورة.
كما أن التكهنات حول خلافة جمال لوالده ترجع إلى عقد مضى عندما بدأ يلعب دورا أكبر في الحزب الوطني الحاكم ، وفي عام 2002 شكل لجنة السياسات التي باتت تلعب دورا كبيرا في الحزب.
واستطردت قائلة :" في الوقت الراهن لا يوجد في المشهد السياسي أحد غير جمال مبارك كخليفة محتمل لمبارك الأب فصعوده في الحزب الحاكم وتركيز وسائل الإعلام الضوء عليه ترجح أن هناك محاولة لتحقيق إجماع حوله".
ونقلت "الفايننشال تايمز" عن محمد حبيب نائب مرشد جماعة الإخوان القول :"شهدنا مؤخرا تسارع وتيرة الأحداث فعندما تكون هناك انتخابات على الأبواب تسعى السلطات إلى وقف أي نشاط سياسي وإسكات المعارضين".
ورغم نفي محمد كمال وهو مسؤول في الحزب الوطني الحاكم ما يتردد عن خلافة جمال لوالده ، إلا أن الصحيفة البريطانية أكدت أن خلافة جمال لن تثير مقاومة لدى المصريين أو غضبا جماهيريا فالمصريون لا يشاركون في اختيار قادتهم والمؤسسة الحاكمة هى التي تتخذ القرار ، واختتمت قائلة :" ولكن السؤال الحقيقي المطروح على الساحة هو هل تقبل المؤسسة العسكرية بجمال مبارك ؟".
ويأتي تقرير الصحيفة البريطانية متناقضا مع تصريحات للرئيس مبارك على هامش زيارته لواشنطن أكد خلالها أنه مازال من المبكر الحديث عن مسألة ترشحه للرئاسة لفترة أخرى، مشيرا فى حوار أجراه معه المذيع الأمريكى تشارلز روز من قناة "سى. بى. إس" الأمريكية إلى أن الحديث عن ترشيح جمال مبارك للرئاسة هو لمجرد البروباجندا لتوجيه النقد الدائم للنظام وأن الموضوع خارج تفكيره تماما ، قائلا :" هذا الأمر ليس فى ذهنى على الإطلاق".
وأضاف أنه لم يتخذ قرارا فى شأن ترشحه للرئاسة حتى الآن، وحول اعتقاده بمن يخلفه فى حال عدم ترشحه ، رد الرئيس مبارك قائلا :"ليس الذى تفكر فيه" ، فى إشارة إلى أمين لجنة السياسات جمال مبارك.
وكشف في هذا الصدد أن جمال مبارك كان يرفض فى بادئ الأمر الانضمام للحزب الوطنى الحاكم فى مصر، وأن العديد من المسئولين داخل النظام أقنعوه بأن دخوله سيكون من شأنه دفع عجلة الإصلاح فى الحزب ، موضحا أنه بمجرد انضمام جمال مبارك للحزب "عمل بجد".
وكان مبارك بدأ زيارة لواشنطن في 15 أغسطس / آب والتقى عددا من أعضاء الإدارة الأمريكية في مقدمتهم وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون ومستشار الأمن القومي في البيت الأبيض جيمس جونز ورئيس الاستخبارات الأمريكية دنيس بلير ، قبل لقاء الرئيس الأمريكي باراك أوباما في 18 أغسطس .
وتطرقت مباحثات الرئيس المصري مع أعضاء الإدارة الأمريكية إلى العلاقات الثنائية وسبل إحياء السلام في المنطقة، إضافة إلى البرنامج النووي الإيراني والأوضاع في السودان والعراق ولبنان والصومال .
وجاءت زيارة مبارك لواشنطن في وقت تمارس فيه إدارة أوباما ضغوطا على إسرائيل لوقف بناء المستوطنات في الضفة الغربية وفي المقابل تطالب الدول العربية بأن تخطو خطوات إلى الأمام في تطبيع العلاقات مع تل أبيب .
يذكر أن هذه هى أول زيارة يقوم بها مبارك إلى العاصمة الأمريكية منذ خمس سنوات ، حيث توترت العلاقات بين البلدين في عهد الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش .